czwartek, 18 października 2012

المحاضرة الإفتتاحية : الإبداع ، الثورة ، النساء ، العدل ، السلام والتسامح . الحرية والكرامة .

ألقيت هذا المحاضرة بواسطة الطبيبة وعالمة النفس والكاتبة والروائية و النسوية المصرية دكتورة نوال السعداوى .

بدأت الدكتورة نوال السعداوى محاضرتها بتوجيه الشكر لكافة الحضور معبرة عن إنفعالها الشديد لكونها تشارك فى فعالية ذات مغزى كبير وعلى قدر بالغ من الأهمية ، وتوجهت للحضور موضحة أن المحاضرة ستركز على المفاهيم الآتية : الإبداع ، الثورة والنساء . العدل ، السلام والتسامح . وقد بدأت بالتساؤل عن حجم التغيرات التى طرأت على العالم المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية ، سواء داخل بولندا أو خارجها معربة عن تشككها فى قيم المجتمعات المعاصرة معبرة عن أسفها رافضة الطريقة التى بها تسويق القيم المجتمعية .
انتقلت نوال من هذه المقدمة الى حديث موجز عن خلفيتها الثقافية وكيف ترفض بعض البلدان والمؤسسات إستضافتها لكونها تتبنى اراء ووجهات نظرمثيرة للجدل على حد تعبيرها .
النقطة الأساسية التى إنطلقت منها نوال للحديث حول تلك المفاهيم التى تضمنتها المحاضرة كانت التعليم ، فقد إنتقدت نوال بشدة النظم التعليمية الموجودة حول العالم سواء فى مصر أو فى الولايات المتحدة الأمريكية مهاجمة تلك المعايير الموجودة فى النظم التعليمية المعاصرة داعية لتغييرها بشكل جذرى حاملة وبشدة على هذا التفاوت الواضح بين النظم التعليمية فى البلدان المختلفة ، موضحة أنها على الرغم من تخرجها من كلية الطب فى مصر وعلى الرغم من تأهلها للعمل كطبيبة إلا أنها لا تزال مبتدئة فى هذا المجال بفعل المناهج التعليمية المتواضعة فى الجامعات المصرية .
وقد إستكملت نوال حديثها عن قضية التعليم مؤكدة على أن النظم التعليمية السليمة ترسخ للإبداع والحرية والثورة والأمن . مشيرة إلى أنها تعرفت على نفسها أكثر وأكثر من خلال التعليم والمعرفة الجيدين فقد بدأت حياتها كطبيبة وجراحة معللة اهتمامها بالمجالات الثقافية بأن الابداع لا يفرق بين العلم والفن او بين المشاعر والقلب والعقل ، موضحة اننا نحتاج إلى المشاعر والعقل معا ، لان الابداع هو القدرة على على التوفيق بين العقل والمشاعر والعلم مشيرة إلى أن بعض الجامعات فى الوقت الحالى تعمد إلى تدريس الموسيقى لطلاب ودارسى الطب لأن الموسيقى لا تقل أهمية بالنسبة للأطباء عن العلوم التطبيقية .
النظم التعليمية المختلفة فى رأى نوال تخدم النظم السياسية مثلها تماما مثل الدين واللغة والثقافة ، فلذالك إذا أردنا تحرير العالم ولكى نجعله أكثر إنسانية ينبغى أن نلجأ إلى الابداع وأن نعمل على تغيير نظم التعليم .
أعقبت ذالك بالحديث عن أنها تدرس فى جامعة ميتشجن بالولايات المتحدة الأمريكية ، لافتة النظر إلى أنه غير مسموح لها بالتدريس فى جامعات مصر لأنهم يعتقدون أن أفكارها خطيرة جدا على النظام الحالى ، وحتى فى الولايات المتحدة - تقول نوال - بعض الجامعات مثل جامعة ميسورى عندما استمعوا إلى حديثها منعونى من التدريس لأننى أحرض الطلاب على الثورة ، منطلقة من هذا الموقف للربط بين الإبداع والثورة وبين الإبداع والتمرد ، معقبة ضاحكة على أنها غير مرحب بها كمحاضرة فى أماكن كثيرة ، وربما إن علم بعض القائمين على هذا المكان بما تنتوى الحديث عنه قد يمنعوها من القاء محاضرتها !! .
" عندما تكون مبدعا تكون واعيا بعيوب النظام تكون مطلعا على الظلم ومظاهره ، أنا دائما ما أسمع من حولى يتحدثون عن الحرية والكرامة والتقدم والديمقراطية والاستقرار والأمن ، ولكن ليس هناك حديث عن العدل ، كلمة العدل نادر جدا تناولها ، لايمكن ان يكون لدينا ديمقراطية دون عدل ، لا يمكننا أن نطور من أنفسنا دون عدل ، لا يمكننا أن نحقق السلام دون عدل ، فى الأسرة عندما يكون الزوج لديه السلطة والقوة الكاملة والزوجة لا قوة لديها كما هو الحال فى كل الأسر البطريركية فلا يمكننا ان نحصل على السلام ، يمكنك أن تحصل على سلام زائف ، سلام غير حقيقي ، إسم على غير مسمى ، هذا ليس سلام ، إنه خضوع ! ، فلذالك فإننا فى حاجة ماسة إلى السلام فى العائلة وفى الدولة ، الديمقراطية أسلوب حياة ولا يمكنها أن تتحقق دون عدالة ، الديمقراطية ينبغى أن تبدأ منذ الصغر ، فى العائلة هناك تفاوت فى القوة والسلطة بين الزوج والزوجة والأطفال ، تحقيق المساواة داخل الأسرة أمر هام جدا لتطبيق الديمقراطية ، ليس لدينا مساواة داخل العائلة بين الزوج والزوجة وبين الكبار والصغار ، ولذالك لايمكننا فى مثل هذا الوضع أن نطبق الديمقراطية ، يجب أن نتعلم الديمقراطية منذ الصغر ونعلمها لأطفالنا لأنها عملية طويلة جدا ، هى ليست قرار سياسى أو إنتخابات ، الإنتخابات ليست هى الديمقراطية الحقيقية فى أمريكا تتم دفع الكثير من الأموال فى حملتى أوباما ورومنى ومثل هذه الانتخابات التى يتحكم فيها المال لا يمكن أن نصفها بأنها إنتخابات حرة ....  "
وأوضحت أنها اكتشفت إنخراطها فى السياسة أكثر وأكثر كلما زاد تعلمها ووعيها ، مشيرة إلى أن الإبداع تعقبه الكثير من المشكلات التى ينخرط فيها الشخص المبدع ، فمعرفتها - كما تقول - قادتها للتظاهر والقتال من أجل العدل وقادها ذالك إلى الصدام مع الملك ومع الاحتلال البريطانى لمصر ، موضحة أيضا أن شعورها بالحرية دفعها لانتقاد سياسة امريكا واسرائيل، وأكدت أنها ستستكمل كفاحها لمساندة ضحايا هذه السياسات .
انتقلت نوال من هذا المحور لتتحدث عن طفولتها ونضالها منذ أن كانت طفلة أنثى فى مجتمع ذكورى ، متذكرة تجربتها خلال فترة طفولتها ، عاقدة مقارنة بين المعاملة التى كانت تتلقاها والتى كان يتلقاها شقيقها الذكر والتى كان يتخللها تمييز واضح لمجرد انه ولد "ذكرا " وهى قد ولدت " أنثى " ، وقد شكل هذا التمييز والتناقض الجانب الأساسى لنضالها طوال حياتها .

" الإبداع يخلق رابطة بين الماضى والحاضر والمستقبل ، لذالك فعندما تمارس الكتابة الابداعية المعتمدة على الذاكرة تتذكر بالضرورة طفولتك ، ولذالك تذكرت جدتى التى أعطتنى الدرس الأول فى الفلسفة وفى الاسلام والاديان وكانت تناضل ضد القمع والظلم ، اتذكر عندما أخذتنى معاها إلى عمدة قريتها وكنت فى السادسة من عمرى ، وقفت أمام العمدة حافية القدمين وكان العمدة جالسا يمسك المصحف بيده ، كانت تتحداه قائلة أنت تسرقنا ، تسرق القطن منا وتعطيه للملك والانجليز ، ونحن نتضور جوعا ، انت لا تعرف الله ، فرد عليها العمدة قائلا هل انت مجنونة ؟؟ كيف تعرفين الله وانت لم تقرأى القرآن ؟؟ فردت عليه قائلة من أخبرك بأن الله هو القرآن .. الله هو العدل .. عرفوه بالعقل ، كان هذا درسى الأول فى الأديان ، الله ليس كتابا ، ليس هو الانجيل ولا القران ولا العهد القديم ، الله هو رمز العدل ، وهذا أمر هام ، لان المرء عندما يناضل من أجل تحقيق العدل أصبح أكثر تدينا من هؤلاء الذين يحرصون على اداء الصلوات فى مواقيتها ، لاننى متهمة فى مصر بأننى دائمة النقد للأديان ، نعم ، انا دائمة النقد للكتب ، انقد الاديان ككتب ، كنصوص ، لكننى اؤمن ان الله هو العدل ، وعلينا ان نحارب من اجل تحقيق العدل بهذا المعنى ، وهذا هو السبب فى ثورتى عندما اكتشفت ان هذا الاله ليس هو العدل فى طفولتى ، لانهم فى عائلتى كانوا يعاملون شقيقى الذكر افضل منى قليلا وكانوا يعزون ذالك الى انه ذكر ، يجب ان ابقى فى المنزل ، وكان شقيقى يلعب وكانوا يمنحونه المزيد من الطعام ، وعندما سألت عن السبب أخبرونى ببساطه أنه ولد ذكر ، فى النهاية عندما يأس والدى منى أخبرونى ان هذا هو ما قاله الله لكننى قلت لهم " لا .. الله هو العدل ويجب ان يكون عادلا " وذهبت الى غرفتى ، وكتبت أول خطاب فى حياتى.. خطاب الى الله .. قلت له : " الهى العزيز : أخبرتنى جدتى أنك عادل لكنك الان تميز بينى وبين شقيقى الذكر رغم اننى افضل منه فى الدراسة واؤدى عملى بشكل افضل منه لذالك ان لم تكن عادلا فأنا لست على استعداد للايمان بك " هذا هو الابداع الطفولى ، واعتقد ان جميع الاطفال لديهم نفس التساؤلات ... "
استخدمت نوال طفولتها لبناء حججها ، ووجهت محاضرتها مرة أخرى للتركيز على مفهوم الابداع موضحة أن الابداع يساعد على حل المشكلات المعاصرة ، ودعت كل الحاضرين الى اتباع غرائزهم الابداعية التى من الممكن ان تساعدهم على العيش فى مجتمع أكثر تقبلا واستيعابا .
بعبارات مثل " نحن نعيش فى عالم واحد وليس ثلاثة عوالم " و " كيف يمكننا ان نحدد من ينتمى الى العالم الأول ومن ينتمى الى العالم الثالث " حاولت أن توضح ان هناك عالم واحد يحكمه نظام واحد تتحكم فيه اقلية وتحدد مصير الاغلبية متحدثة عن الإستعمار الذى عزت إليه الكثير من المشكلات التى تواجه مجتمعات اليوم ، منتقلة للحديث عن السلام وتسائلت عن السبب الذى يجعل أمريكا واسرائيل تتحكمان فى الطاقة النووية والمخاطر التى قد تنشأ جراء ذالك ، وإختتمت الحديث فى هذه النقطة بالتأكيد على ضرورة التوزيع العادل للثروة موضحة أن هذا هو الطريق الوحيد لإحلال السلام .
منتقلة للحديث حول مشاركتها فى المظاهرات المنددة بالجشع الاقتصادى فى وول ستريت وفى لندن ، موضحة أن المشكلات التى تعانى منها بلدان الشرق الاوسط نجتاح العالم كله ، وان جميع الشعوب تشعر بنفس المعاناة لتوحد الاسباب .
واختتمت محاضرتها بالحديث عن الثورة المصرية وكيف أن جماهير الشباب خرجت واعتصمت فى ميدان التحرير للمطالبة بانهاء عقود من استبداد النظام ، وعبرت عن أسفها لقيام نظام مبارك بقتل أعداد ممن شاركوا فى تلك الاحتجاجات ، وتحدثت عن فرحتها واحتفالها مع جماهير الشباب برحيل مبارك وزوال حكمه ، لكنها عبرت عن سخطها لتدخل الولايات المتحدة ممثلة فى وزيرة خارجيتها هيلارى كلينتون التى سعت لاجهاض الثورة حتى لا تتضرر المصالح الامريكية فى المنطقة وادانت قيام امريكا بمنح اموال لبعض القوى السياسية حتى تتمكن من الفوز فى الانتخابات واصفة تلك الانتخابات بالفاسدة وان التدخل الامريكى فى مصر قد ادى الى مزيد من القمع وكبت الحريات .
واختتمت بالتأكيد على ان الابداع يخلق الشجاعة والحرية ، الابداع ضرورى فى مجتمع اليوم مختتمة بالقول " الله هو العدل واذا كان عادلا فبامكانه حمايتى " ! .
وبعد انتهاء المحاضرة أجابت نوال السعداوى على عدد من أسئلة الحضور التى تناولت نقاط اثارتها فى المحاضرة .



Brak komentarzy:

Prześlij komentarz